«لجنة التضامن والأخوّة» المسألة الكردية لا تبلغ خواتيمها آسيا محمد نور الدين الخميس 7 آب 2025 بدأ الحديث حول تشكيل الل
«لجنة التضامن والأخوّة»: المسألة الكردية لا تبلغ خواتيمها
آسيا
محمد نور الدين
الخميس 7 آب 2025
بدأ الحديث حول تشكيل اللجنة البرلمانية بُعيد إقامة احتفال تسليم رمزي للسلاح في مدينة السليمانية (أ ف ب)
دخلت عملية حلّ المشكلة الكردية في تركيا، مرحلة جديدة، بعد قرار تأليف لجنة برلمانية معنيّة بالمسألة، لم تتأخّر في عقد اجتماعها الأول، أول من أمس، على أن ينعقد التالي غدًا، بحضور وزيرَي الدفاع والداخلية ورئيس الاستخبارات. وتتكوّن هذه اللجنة التي شكّلها رئيس البرلمان التركي، عضو «حزب العدالة والتنمية» نعمان قورتولمش، من 51 عضواً، وفقاً لحجم الأحزاب الممثَّلة في البرلمان، فيما قضى القرار بتمثيل الأحزاب الصغيرة جداً التي ليست مؤتلفة ضمن كتلة، بعضو واحد.
وجاء التمثيل على الشكل التالي: «حزب العدالة والتنمية» (21 نائباً)، «حزب الشعب الجمهوري» (10 نواب)، «حزب الحركة القومية» (4 نواب)، «حزب المساواة والديموقراطية للشعوب» الكردي (4 نواب)، «الحزب الجيد» (3 نواب)، و«كتلة الطريق الجديد» التي تضمّ أحزاب «المستقبل» و«السعادة» و«الديموقراطية والتقدم» (3 نواب)، في حين تمثّلت ستّة أحزاب مستقلّة بنائب واحد لكلّ منها. وفور الإعلان عن اللجنة، رفض «الحزب الجيد» المشاركة فيها، لمعارضته التوصّل إلى حلّ مع «حزب العمال الكردستاني»، وادّعائه أن القرار سيؤدي إلى «ضرب أسس الجمهورية» التي وضعها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923، ما خفّض عدد أعضائها إلى 47 عضواً.
وأعلن قورتولمش، ابتداءً، أن اللجنة ستحمل اسم «لجنة تركيا بلا إرهاب»، لكن اعتراض أحزاب من مثل «الشعب الجمهوري» و«المساواة والديموقراطية»، حال دون اعتماد تلك التسمية، وأفضى إلى استبدالها بـ«لجنة التضامن الوطني والأخوة والديموقراطية». وممّا أعلنه رئيس البرلمان أيضاً، أن قرارات اللجنة ستؤخَذ بالغالبية المطلقة، أي النصف زائداً واحداً، وهو ما اعترض عليه «الشعب الجمهوري»، باعتبار أن الغالبية تحتاج إلى 26 صوتاً، يملكها تقريباً تحالف حزبَي السلطة الممثّل بـ25 نائباً، والذي يكفي أن يستميل ممثّلاً واحداً إضافيّاً ليفرض رأيه في الاجتماعات.
ولذلك، تمّت الموافقة على طلب «الجمهوري» أن تؤخذ القرارات بغالبية الثلاثة أخماس، أي 31 صوتاً؛ علمًا أنه بعد انسحاب «الحزب الجيّد» من اللجنة، وانخفاض عدد أعضائها إلى 47، باتت أكثرية الثلاثة أخماس تعادل 29 عضواً. وكان «الشعب الجمهوري»، من الأصل، متردّداً إزاء المشاركة في اللجنة، بالنظر إلى أن قرار تشكيلها جاء نتيجة مفاوضات السلام بين «العمال الكردستاني» والدولة، فيما تسير آلية الحلّ أيضاً وفقاً لإرادة حزبَي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية»، ومعهما «الكردستاني»، ليبدو هو مجرّد ملحق بالعملية.
مع هذا، فإن عدم انخراطه في اللجنة، كان ليُظهره أمام الرأي العام في مظهر المعارض لحلّ المشكلة الكردية، وهو ما لا يخدم حضوره الوطني، خاصة بعدما احتلّ المرتبة الأولى في الانتخابات البلدية، قبل عام ونصف عام، فضلاً عن أن أيّ مرشّح للحزب أو المعارضة، لرئاسة الجمهورية، لن ينجح إذا لم يحظَ بتأييد قاعدة «حزب المساواة والديموقراطية» الكردي.
تمثّل اللجنة آخر محطّة في مسار المفاوضات بين «الكردستاني» وحزبَي السلطة
وتمثّل هذه اللجنة آخر محطّة في مسار المفاوضات الجارية بين «الكردستاني» وحزبَي السلطة، في حين ستحال قراراتها إلى البرلمان أو إلى استفتاء شعبي للموافقة عليها؛ علمًا أن فترة عملها، وفق ما حدّده اجتماعها الأول، تمتدّ حتى نهاية العام الجاري، على أن يُتّخذ قرار بالتمديد في حال لم تنته من مهامها، ويكون كل تمديد لشهرين فقط. وكان مسار الحلّ قد بدأ مع النداء الذي وجّهه زعيم «حزب العمال»، المعتقل، عبد الله أوجالان، في الـ27 من شباط الماضي، ودعا فيه الحزب إلى حلّ نفسه وتسليم السلاح، وهو ما حصل في مطلع أيار، قبل أن يقام احتفال تسليم رمزي في مدينة السليمانية بداية الشهر الماضي، ويبدأ الحديث مذّاك حول تشكيل اللجنة.
ولا يَظهر أن مهمّة هذه الأخيرة ستكون سهلة؛ ذلك بأن النقاشات التي ستجري بين أعضائها قد لا تقتصر على المسألة الكردية، خصوصاً أنه يمكن ربطها بتعديلات دستورية لا تمتّ بصلة إلى عناوين تلك المسألة، وهو ما يرفضه الحزب الكردي ومعظم أحزاب المعارضة.
ولعلّ أبرز مَن عبّر عن تلك الخشية، زعيم «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، الذي قال إن «هدف اللجنة هو تعديل ما يمكن تعديله من الدستور في ما يخصّ الهوية الكردية، وليس هدفها وضع دستور جديد». وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قد أعلن أن أحزاب «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» و«المساواة والديموقراطية»، ستشكّل تحالفاً ثلاثيّاً لحلّ المشكلة الكردية، وهو ما سارع الحزب الكردي إلى نفيه والاعتراض عليه، قائلاً إن «التعاون يخصّ فقط المسألة الكردية، ولا يطال أي موضوع آخر».
وإذ تكاثرت الشائعات حول احتمال أن يقدّم «العدالة والتنمية» تنازلات معيّنة للأكراد في الدستور، مقابل تأييدهم تعديله بما يسمح لإردوغان بالترشّح لولاية رئاسية جديدة، لم تَرشح أيّ معلومة عمّا يمكن أن تقدّمه الدولة للأكراد، ولا سيما بالنسبة إلى تعديل مواد دستورية لمصلحة التعلّم باللغة الكردية والاعتراف بالهوية الكردية دستوريّاً.
كذلك، وفي حال لم يتحدّد موعد معيّن لنهاية عمل اللجنة، ثمة خشية من مماطلة السلطة، في حال كانت الظروف الداخلية والإقليمية تتطلّب التسويف؛ وفي مقدمة هذه العوامل، الوضع في سوريا، والعلاقة مع «قسد» في شرق الفرات، وإصرار أنقرة على أن تسليم السلاح الذي دعا إليه أوجالان يشمل «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا؛ علمًا أن تركيا عبّرت مرارًا عن استيائها من تباطؤ اندماج «قسد» بالجيش السوري، ورفضها التخلّي عن مطلب الفدرالية.
وإذ قال زعيم «حزب الحركة القومية»، دولت باهتشلي، إن اللجنة ستتّخذ قرارات «تحرّر تركيا بطريقة بنّاءة من الإرهاب»، اعتبر أوزيل أنه «يجب ألّا يخشى أحد اللجنة بوجود حزب الشعب الجمهوري، فهو لن يسمح بهدم أركان الجمهورية ولا بوضع دستور جديد مع مَن لا يلتزمون أصلاً باحترام الدستور وتطبيق قرارات المحكمة الدستورية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان». وأضاف أوزيل «(إنّنا) ننضمّ إلى اللجنة من أجل ضمان مبادرة ديموقراطية تضمن حقوق كل الأكراد والعلويين والمضطهدين. إردوغان كان يراهن على ألّا نكون في اللجنة ليشكّلها كما يريد ولتنتهي إلى النتائج التي يريدها».
إلا أن المفكّر التركي المعارض، إيمري كونغار، رأى أن مهمّة «حزب الشعب الجمهوري» في اللجنة، ستكون صعبة جداً؛ ومع أن الرجل من مناصري الحزب، ولكنه قال إن «تبريرات الأخير للمشاركة غير مقنعة. فاللجنة ستتّخذ قرارات تمليها الإمبريالية والحكومة معاً. وسينشأ انقسام وفاشية من هيكل يشارك فيه حزب الشعب الجمهوري. لا نريد أحلاماً عثمانية جديدة. ولا مسمّيات غير شرعية كالإمبراطورية التركية أو الإمبراطورية الإسلامية أو أيّ صيغة قائمة على الهويات العرقية والطائفية. نريد نظاماً علمانيّاً وعادلاً».
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها